بسم الله الرحمن الرحيم
منذ فجر التاريخ وأحلام الناس لا تقف عند حد ، فحياة الإنسان سلسلة أحلام متواصلة ، أو قل سلسلة من الأهداف المترادفة التي لا تنقطع ، وترتبط أحلام الناس بحاجاتهم أيما ارتباط ، فأي حاجة أعظم من حاجة الإنسان إلى تذكر آبائه وأجداده وتراثه .
يجب على الإنسان المحافظة على تراثه وتاريخه وأرضه وأجداده، فان لم يحافظ على تراثه، على ماذا سيحافظ ؟؟ إن لم يتذكر أرضه وتاريخه وتراثه ، فمن سيتذكر ؟؟ كالعبارة القائلة : (( التراث الفلسطيني ، تاريخ الاجداد ومستقبل الأحفاد ...))
ففي احدى الأيام نظمت مدرستنا رحلة تعليمية عن التراث الفلسطيني الى بيت لحم والقدس ... فذهبت انا وبعض صديقاتي ، فعند دخولي فقط بيت لحم ، ذهلت بجمالها ، لقد كانت رائعة ، جميلة ، فهي مموهة بالتاريخ الفسطيني وتراثه ، لم أشاهد في حياتي أجمل من الأرض التي تنبت كل يوم جيل بعد جيل لمساعدتها في نزع السيف الذي غرز في قلبها واستحال أي طبيب من نزعه ... عندما أمعنت النظر في معالمها علمت ان مبانيها قد بنيت منذ زمن طويل ... فقد بنيت منذ آلاف السنين ... و بعد أن اخبرنا الدليل عن المشاكل التي تعاني منها بيت لحم ، علمت أن اهلها يتركون هذه المنازل الغنية بالتراث وذكريات أجدادنا ، الى منازل اخرى جديدة ويقومون بهدم هذه المنازل التي بناها اجدادنا بدمائهم ، لاستبدالها بأخرى جديدة ... ويقومون بانشاء المتحاف ولكن ليس بكثرة ، وبعض الناس يسافرون الى بلدان أخرى بسبب الاحتلال ، والاحتلال مشكلة رئيسية ... الاحتلال يحاول الانتشار بيننا كالسم في الدم وبعض الناس تأثر به والبعض الآخر ما زال يقاوم بعناء ، للحفاظ على ماء وجهه ، ما زال يقاوم حتى لا يريق ماء وجهه لمن لا ماء لوجوههم ...
و يحاول العديد من الناس المهتمين بالتراث حث الناس على انشاء المتاحف ، وعلى شراء المنازل القديمة لمن يريد بيعها ، والكثير من الرؤساء الكبار يحاولون توحيد فلسطين ومداواة هذا القلب المجروح الذي لم يجد طبيبا داء له حتى الآن ...
وعندما وصلنا كنيسة المهد ... عند ملامستي لبابها وحائطها المليء بالزخارف أحسست برعشة تسري في دمي ، أحسست بجسمي يرتعش من هذا الحائط الذي بناه العديد من الأبطال ... الذي هو مكان مقدس للمسيحيين وذا بناء محكم ومليء بالزخارف والتراث ...
وعندما انتهينا من جولة رائعة في بيت لحم ... توجهنا الى الأم الكبرى ، العاصمة ، مربية الاجيال ... القدس ... كلمة من خمسة حروف ولكنها تضم الملايين من السياح الذين يأتون لمشاهدة اولى القبلتين وثانية الحرمين الشريفين ... التي يحاول اليهود الصهاينة هدمها وتدميرها بشتى الوسائل والطرق ولكنهم مهما فعلو ستبقى المثل الاعلى لنا وستبقى محفورة في قلوبنا وستبقى سارية في دمائنا الذي يريقه الآلاف كل يوم لتحريرها من هذه الأفعى التي تلتوي حولها وتحاول التضييق عليها بشتى الوسائل ... فلن ننسى الوصف الرائع الذي وصفه ابن بطوطة للقدس (( ... فهي من أغرب المباني واتقنها واغربها شكلا ، وفي ظاهرها وباطنها من انواع الزواقة ، ورائق الصنعة ، ما يعجز الواصف ، فهي مطلية بالذهب ، يحار بصر متأملها ويقصر لسان رائيها عن تمثيلها )) ...
وللأسف الشديد استطاع مجموعة من الفاشلين تفكيكنا وجعلنا كالزجاج المحطم ... لا ولكنه لم يكتف بذلك بل قتل الكثير من قادة رجالنا وكبارهم ... ولكن مهما عذبنا ومهما عانينا ستبقى أمنا شامخة وعالية وسنبقى صامدين وسنقاوم فالانسان لم يخلق للهزيمة قد يدمر ولكنه لا يهزم ...
[/size]